أصدر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان صباح اليوم السبت 7 يونيو 2014 تقريره المرحلي الثاني حول التغطية الإعلامية لفترات الاقتراع في الانتخابات الرئاسية 2014 . التقرير الذي يتكون من أربعة مباحث في 26 صفحة تقريبًا، يرصد ويقيم التغطية الإعلامية لــ15 وسيلة إعلامية (مرئية– مكتوبة – مسموعة) خلال المراحل الثلاث الأخيرة في عملية الانتخابات وهي: عملية الاقتراع خارج مصر وحتى إعلان نتيجتها، الساعات الأخيرة قبل الاقتراع بالداخل (الـ72 ساعة الأخيرة من فترة الدعاية، وكذا يومي الصمت الانتخابي) ويخصص المبحث الثالث لتقييم أداء وسائل الإعلام خلال أيام الاقتراع الثلاثة وأثناء عمليات الفرز وحتى إعلان النتيجة. أما المبحث الرابع فقد تم تخصيصه لتقييم أداء قناة الجزيرة خلال المراحل الثلاثة السابقة، وذلك لما كان للقناة من اتجاه مختلف في تغطية عملية الاقتراع لا يتفق مع السمات المشتركة المشار إليها في المباحث الثلاثة إذ كانت للجريرة سمات وانحيازات وانتهاكات خاصة لزم التنويه عنها بشكل منفرد.
يرصد التقرير 9 ساعات يومية لثمان قنوات تلفزيونية هي الفضائية المصرية، النيل للأخبار، ONTV، CBC، القاهرة والناس، صدى البلد ، MBC مصر، الجزيرة مباشر مصر. و إذاعتين هما راديو مصر، راديو 90.90، كما يرصد الأعداد اليومية لخمس إصدارات صحفية هي الأهرام، الجمهورية، المصري اليوم، الشروق، الوطن.
في 4 يونيو 2014 أعلنت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية فوز المرشح عبد الفتاح السيسي بمنصب رئيس الجمهورية، بعدما حصل على أكثر من96 .% من إجمالي عدد المصوتين في الانتخابات والذين تجاوز عددهم 25 مليون ممن لهم حق التصويت بنسبة تتجاوز 47% حسب تقديرات اللجنة. تلك النسبة التي لم تكن مرضية لتوقعات الإعلاميين، وكانت محل صراع إعلامي مشحون على مدار ثلاثة أيام خصصت للاقتراع، ما بين تأكيدات إعلامية بضعف الإقبال وأخرى تقر ارتفاعه في الساعات الأخيرة من النهار، وبين قرار اللجنة بتمديد التصويت ليوم ثالث رغم اعتراض كلا المرشحين، الأمر الذي اعتبره عدد من الإعلاميين قرار ضار بالعملية الانتخابية استند إلى معلومات إعلامية مغلوطة وتهويل إعلامي غير حقيقي.
في هذا السياق يستعرض التقرير المرحلي الثاني حيل الإعلام المختلفة –سواء أثناء الاقتراع الخارج أو الداخل– للدفع بنسب المشاركة لتلبي توقعاته التي روج له من قبل عمليات الاقتراع، فتارة يستدعي الخطاب الطائفي ويوقظ الفتنة مذكرًا الأقباط بحرق الكنائس وأعمال العنف ضدهم، في محاولة لإقناع الأقباط أن مشاركتهم ستكون انتقامًا من الفصيل الذي اضطهدهم وحرق كنائسهم، وأخرى يؤكد أن مصادر “مجهولة” بجماعة الإخوان المسلمين أكدت أن أوامر صدرت للتنظيم بالمشاركة والتصويت للمرشح حمدي صباحي انتقامًا من المرشح المنافس الذي أطاح بزعيمهم، أو أن الجماعات ترصد مكافآت مالية للمقاطعين. كما لجأ الإعلام أيضًا تحت دعوى الحشد للمشاركة إلى تشويه المقاطعين ،وسبهم أحيانًا، محاولًا توظيف خطاب الوطنية والانتماء كورقة ضغط أخيرة عليهم، مستخدمًا كافة الفنون الصحفية والإعلامية، والإعلانات والفواصل للتحريض ضدهم ونشر دعاوى إقصائهم بعد اتهامهم بالإرهاب والعمالة والخيانة والجهل. هذا بالإضافة لاستحضار أزمة الوافدين وإعادة تسليط الضوء عليها، وتكييل الاتهامات للجنة لتعسفها في مسألة تسجيلهم.
وتحت دعاوى التهويل الإعلامي لنسب المشاركة غابت الدقة بشكل واضح عن التغطية الإعلامية ليومي الاقتراع، فعرضت بعض الصحف صورًا لطوابير انتخابية من استحقاقات انتخابية سابقة ادعت أنها من أمام لجان الاقتراع، أو كررت بعض القنوات البث المباشر من نفس اللجنة وعرضتها من زوايا تصويرية مختلفة –وأحيانًا متطابقة– تحت دعوى أنها مشاهد من لجان مختلفة. وفي هذا السياق يؤكد التقرير على أن دور الإعلام خلال فترة الاقتراع لابد أن يتمحور في نقل مجريات عملية التصويت وتشجيع المواطنين على المشاركة بمهنية وموضوعية، دون أن ينطوي ذلك على خطاب ترهيبي أو تحريضي، ودون أن يلجأ الإعلاميون للتهويل أو التقليل من أعداد المشاركة، إذ أن قيام الإعلام بهذا الدور مرتبط بقدرته على نقل صورة حقيقة عن عملية التصويت بل ومراقبة سلامتها، والتشجيع على المشاركة؛ فيها انطلاقًا من مبدأ المواطنة الذي يعزز من حق المواطن في صناعة القرار ، وليس من منطلق الانتقام من تيار سياسي معين أو توجيه رسالة للعالم أو معاداة أطراف دولية معينة.
يرصد التقرير أيضًا كيف وظفت قناة الجزيرة تأكيدات الإعلاميين على ضعف المشاركة كنقطة قوة ترتكز إليها في تغطيتها المتحيزة لعملية الاقتراع، التي صورت اللجان الانتخابية خالية تمامًا، وأثنت على قرار المقاطعين، في محاولة لان تغزي هذه المقاطعة لشرعية نظام محمد مرسي رغم التأكيدات على كون المقاطعة لا تعني بالضرورة الاعتراف بشرعية نظام ما قبل 30 يونيو. وقد ارتكبت قناة الجزيرة العديد من الانتهاكات المهنية الجسيمة لتأكيد هذا الادعاءيستعرضها التقرير.
انتقد التقرير أيضًا بعض الممارسات غير المهنية للمراسلين المنتشرين باللجان أثناء الاقتراع راصدًا بعض الأخطاء، منها نقل الانتهاكات على اعتبارها ممارسات طبيعة وأحيانا محمودة، وانتهاك سرية الاقتراع وتوجيه الناخبين في محيط اللجان.
حذر التقرير من مخاطر استباق النتائج ونشر المؤشرات الأولية، لاسيما بعد انتهاء عملية الاقتراع بالخارج، مبينًا التضارب الواضح بين الأرقام والمؤشرات التي أعلنتها وسائل الإعلام أثناء فترات الفرز في فترتي الاقتراع بالداخل والخارج. منتقدًا تعامل وسائل الإعلام مع المرشح عبد الفتاح السيسي منذ لحظة غلق باب التصويت باعتباره الرئيس الجديد وتقديم التهاني له دون أدنى اعتبار لعمليات الفرز ونتائجها. بل تطرق التقرير لبعض الأخبار الصحفية التي تداولاتها وسائل الإعلام حول قيام أحد المرشحين بمباشرة أعماله الرئاسية (تشكيل الفريق الرئاسي، موقفه من الحكومة الحالية، تفقد مشروعات الشباب) قبل بداية عمليات الاقتراع، وبالتأكيد قبل إعلان النتيجة.
ركز التقرير على خريطة الإعلانات في المرحلة الأخيرة قبل الاقتراع بعد سماح وسائل الإعلام المملوكة للدولة بنشر إعلانات مدفوعة الأجر لدعم المرشح عبد الفتاح السيسي (تحديدًا راديو مصر، الفضائية المصرية صحيفتي الأهرام والجمهورية) بينما لم تظهر فيها أية إعلانات للمرشح المنافس. وعلى الجانب الأخر رصد التقرير ظهور إعلانات للمرشح حمدين صباحي في الأسبوع الأخير قبل الاقتراع انفردت بها قناتي CBC، ONTV ولكن بمعدل تكرار منخفض إلى حد ما.
أخيرًا حدد التقرير الوسائل الإعلامية محل الرصد التي التزمت بالصمت الانتخابي منتقدًا تحايل بعض مقدمي البرامج على فكرة الصمت الانتخابي. مشيرًا إلى أنه من بين القنوات الفضائية محل الرصد التزمت قناة النيل للاخبار وقناةMBC مصر بفترة الصمت الانتخابي بشكل كامل، بينما التزمت أيضا الفضائية المصرية و ONTV بالصمت إلى حد ما، إذ أعدا فقرات حوارية تتعلق بالعملية الانتخابية وملفات ستواجه الرئيس القادم، الأمر الذي دفع ضيوفهما إلى التطرق لبرامج المرشحين ومواقفهما من هذه الملفات. أما بالنسبة لقناة CBC فرغم إقرار مذيعيها باحترام القناة لفترة الصمت إلا أن إحدى مذيعاتها تعمدت توجيه رسالة في فترة الصمت “لمناصري السيسي” بأن العالم ينتظر ليعرف النسبة التي سينجح بها الرئيس!
بين الإذاعات، رصد التقرير محاولة مقدمي برامج راديو 90:90 الالتزام قدر الإمكان بالصمت الانتخابي، إلا أن الإذاعة استمرت في إذاعة الإعلانات المؤيدة للمرشح عبد الفتاح السيسي، وأجزاء من خطاباته في فواصلها، بينما يحسب لراديو مصر المملوك للدولة احترامه لفترة الصمت سواء في فواصله وإعلاناته أو في البرامج الحوارية ونشرات الأخبار. أما بالنسبة للصحف رصد التقرير التزام جريدة الشروق بالصمت الانتخابي، بينما خرقت جريدة الوطن الصمت الانتخابي بشكل فج، وكذا اخترقته جريدة المصري اليوم وجريدة الأهرام وجريدة الجمهورية بشكل واضح.
للاطلاع على التقرير اضغط هنا.
[عن "مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان"]